نداء نعوم تشومسكي للعالم في شأن المقاومة في ميدان تقسيم

ما يجري في شوارع اسطنبول و مدن تركية اخرى يمثل ما يمكن ان تفعله عامة الناس لمكافحة مشاريع تتضمن القمع العنيف من جهة وتغيير المجتمع من جهة اخرى لخدمة لمصالح شركات كبرى, مهددة بذلك الحياة الكريمة للبشر.

هذه االحداث مهمة للغاية نظرا لدور تركيا االقليمي الذي ممكن اعتباره االهم في المنطقة. لذلك ما يجري في تركيا اليوم سيكون له تاثيرا كبيرا في الشرق و الغرب.

احداث تركيا جاءت في سياق انتفاضة عالمية في وجه الهجمة النيوليبرالية الشرسة على الشعوب بدرجات متفاوتة و باشكال مختلفة على مدى جيل كامل. في نهاية التسعينات و بداية القرن الجديد و بعد سنوات طويلة من النضال اخذت امريكا االتينية بالتحرر من منظومة الهيمنة االمريكية و سلكت طريقا مستقال.

فعلى سبيل المثال رفضت بعض الدول دفع ديونا غير عادلة فيما اخذ اخرون في ازالة القيود النيوليبرالية التي اثرت سلبا على معدالت النمو االقتصادي و التنمية االجتماعية كبعض دول شمال افريقيا لتنتشر في بقية العالم العربي.

نجحت هذه الشعوب في ازالة بعض الدكتاتوريات التي كانت تطبق المشروع النيوليبرالي و لكن المسار المستقبلي للقيادات الجديدة ليست واضحة بعد.

و هكذا انضمت تركيا الى الشعوب المقاومة في انحاء اوروبا, و اخص بالذكر هنا اليونان و اسبانيا, و في الواليات المتحدة خالل حركة احتلوا وول ستريت و انتفاضة ويسكونسن. في اعتقادي تمثل هذه الحركات ردة فعل عالمية ضد فرض سياسات اجتماعية و اقتصادية على مدى جيل و التي حققت للطبقات الغنية مكاسب كبيرة على حساب الشعوب.

فقد مثلت التسعينات سنوات مظلمة في تركيا و لكن حصلت انفراجة مع بداية القرن. لالسف عادت االمور ترجع الى الوراء منذ تلك السنوات فهناك تراجع مؤسف في الحقوق المدنية على مدى السنوات القليلة الماضية, فعلى سبيل المثال اصبحت الحكومة التركية اكبر سجانة للصحفيين في العالم.

ما نراه اليوم اذا هو ردة فعل على هذه السياسات باالضافة الى سياسات تهدف لتدمير الساحات العامة و الهوية المدينة التقليدية لصالح المؤسسة العسكرية و الدينية المحافظة و التجارية

تمثل احداث تركيا, من وجهة نظر المجتمع الدولي المهتم بقضايا حقوق االنسان و العدالة االجتماعية, فرصة للتضامن االممي الذي يمكن ان يؤدي الى التغيير في بقاع اخرى من العالم في نضاال امميا مترابطا من حيث المظالم و تضامن النشطاء السياسيين. لذا من الضروري زيادة الدعم المتبادل و التعاون ما بين النشطاء في دوال مختلفة.

اما بالنسبة الى القوى و المصالح العظمى التي تفرض النظام العالمي القائم على الشعوب مدمرة اوروبا بشكل تدريجي باالضافة الى الواليات المتحدة, تقرع احداث تركيا اجراس الخطرفعليهم اال يحصروا اهتمامهم بالمصالح التجارية و الراس المال المتركز في ايادي قليلة بل عليهم االستماع الى مظالم الشعوب.

هكذا تمثل احداث تركيا ملهما و منارة امل للشعوب و هي بذلك تستحق اكبر دعم ممكن. ليس بامكان المرء اال ان يعبر عن االعجاب بشجاعة هؤالء المناضلين على الخطوط االمامية في هذه المعركة المهمة و العادلة.

ميدان التقسيم في كل مكان! مقاومة في كل مكان!

    This post is also available in: Turkish